أحمد سالم
العبد إذ يذنب يخلع على نفسه أوصاف المعايب يلومها ويوبخها، وبعض هذا حق ينفع وكثير منه لا ينفع، ثم هو بذلك لا يزال منحسرًا في نفسه يظن أن الأمر منها وإليها، ويغفل عن أن الأمر كله بيد الله، وأنت توبخ من ترى أن بين يديه الحول والقوة، وما أشقاك إن وكلت إلى نفسك فترجو أن تُخرج نفسها من ذنبها.
إن أجل مقامات العبودية هنا أن تعلم أن الحول كله والقوة كلها بيد الله، وأن الله يحول بين المرء وقلبه، وأن البلاء كله في أن يكلك الله إلى نفسك. فالسبيل أن تعوذ من الله به وأن تعلم أنه لا ملجأ من الله إلا إليه فيكون ندمك للوم نفسك على غفلتها لا لتوبيخ نفسك وسبها، ثم تسارع إلى مغادرة هذا المقام لتنخلع من نفسك، فتأخذ نفسك فتضعها بين يدي ربك منكسرًا لقدرة الله وعظمته وإحاطته بخلقه، وأنه لو شاء الله لعصمك من ذنبك ولولاه ما هديت إلى ندم ولا إلى توبة، فأنت مستعيذ بربك مستعين به تطلب قدرته وتتلمس حكمته وتنخلع من حولك وقوتك وقدرة نفسك إلى حول الله وقوته وقدرته.
مقتطفات أخرى
رحل الرجل الكبير، وتركنى وراءه أتساءل عن معنى البطولة، أخى أحمد، أبو صالح، لم تعلن خبر وفاته الصحف والإذاعات، ولم يتسابق الكتاب إلى استدعاء سيرته وذكر مآثره، وقريبا يموت آخر الشهود المجهولين، آخر الرواه المنسيين، أولئك الذى عرفوه أيام شبابه جوادا بريًا لم يسرج بغير الريح.
فمن يحمل عبء الذاكرة؟
ومن يكتب سيرة من لا سيرة لهم في بطون الكتب، أولئك الذين قسموا جسومهم في جسوم الناس، وخلفوا آثارًا عميقة تدل على غيرهم، ولكنها لا تدل عليهم.
التغريبة الفلسطينية- وليد سيف.
إن إصغاء المرء إلى نفسه شديد الصعوبة؛ لأن فن الإصغاء إلى الذات يتطلب قدرة أخرى نادرة في الإنسان المعاصر، وهي قدرة المرء على أن ينفرد بذاته.
ونحن في الواقع قد خلقنا رهاب الانفراد، ونفضل أبغض الصحبة وأتفهها، وأكثر النشاطات خلوًا من المعنى= على أن ننفرد بأنفسنا، أيرجع ذلك إلى أننا نرى أن صحبة ذواتنا هي صحبة بالغة السوء؟
إن خوفنا من الانفراد بذواتنا يبدو وكأنه يقارب الخوف من الغرباء، إننا نخشى أنفسنا كأننا لا نعرفها، فنفر منها، وتضيع بذلك فرصة الإصغاء إلى الذات ويستمر جهلنا بأنفسنا.
إريك فروم.