
أحمد سالم
موجز في قضية كفار أهل الكتاب وأشباههم وإمكان إعذارهم:
في قضية الكفار في الدنيا من أهل الكتاب وغيرهم الذين لم يثبت لهم عقد الإسلام= عندي أربع محكمات وموضعان للنظر:
أما المحكمات الأربع فهي:
الأولى: أن كل من لم ينطق الشهادتين= فإن الحكم عليه في الدنيا يكون بالكفر، وإذا مات= فتطبق عليه أحكام الكفر الظاهرة بلا استثناء.
هذه الأولى متعلقة بالحكم الظاهر الدنيوي لا يستثنى منها أي نوع أو صنف من الكفار تحت أي ظرف من الظروف.
الثانية: أن كل كافر في الدنيا من هؤلاء لم يسمع قط برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، بأي نوع من أنواع السماع= فإن الله يعذره في الآخرة ولا يؤاخذه بكفره الذي كفره في الدنيا.
الثالثة: أن كل من سمع برسالة محمد أي نوع من السماع، صحيحاً أو مشوهاً، فلم يطلب بينته وحاله، ولم يبحث عن هذا الدين ما هو، وإنما أعرض وتولى أو بحث بحثاً مفرطاً عابراً= فهذا يكون كافراً في الدنيا كما أن مثله لا يعذره الله في الآخرة بل هو من جملة المعرضين غير المعذورين.
الرابعة: أن كل من سمع برسالة محمد أي نوع من السماع، فتحرك لطلب الحق وأراد معرفة هذا الدين ما وحيه وما نبيه وسلك سبيل بذل الوسع في هذا، ثم عاقه عائق معجز ضيق عليه الوقت أو القدرة كموت أو جنون وما يقاربهما= فإن الله يعذره في الآخرة ولا يؤاخذه بكفره الذي كفره في الدنيا.
هذه هي المحكمات الأربع، وأساس إحكامها أن أحكام الإسلام الدنيوية الظاهرة لا يثبت واحد منها لمن لم ينطق الشهادتين، وأن كل من سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يؤمن به فهو كافر، وأن السماع الذي يثبت به كفر الآخرة ويُستحق به العذاب هو سماع البلاغ الذي تقوم به الحجة، وأن الحجة تقوم بمجرد ظهورها بحيث يتمكن من بلوغها من استفرغ وسعه في البحث عنها، وأن من بحث عنها فأعاقه دون البلوغ عائق مُعجز فإن الله يعذره.
أما محال النظر والبحث في هذا الباب فمسألتان:
الأولى: هل يمكن أن يستفرغ الإنسان الكافر وسعه في البحث فلا يهتدي؛ لأجل عوارض وشبه لم يجد جوابها رغم بحثه الشديد، وبالتالي يعذره الله، أم أن كل من استفرغ وسعه لابد أن يهتدي، ولا يتأخر الاهتداء إلا لنقص في استفراغ الوسع أو لهوى، وبالتالي من لم يهتد للإسلام مع البحث فإنه لا يعذر ويكون كذابا في دعوى استفراغ الوسع أو دعوى التخلص من الهوى؟
أثار شيخ الإسلام هذه المسألة مرتين، مرة لم يقطع فيها بجواب، ومرة اختار فيها أن بينات صدق النبي ظاهرة بحيث إن من استفرغ وسعه= فلابد أن يهتدي، وبالتالي لا يُعذر في الآخرة من كانت هذه حاله.
والمسألة عندي مشكلة تحتاج إلى بحث ولا ترجيح عندي فيها.
الثانية: من يعذره الله في الآخرة، فلا يعاقبه على الكفر الذي كان في الدنيا، هل يعني ذلك أنه يدخل الجنة أم أن هناك امتحان آخر يمتحنه الله له في الآخرة وعلى هذا الامتحان يترتب الثواب والعقاب؟
والكلام في هذه المسألة مبني على حديث الذين يمتحنون يوم القيامة وهل يمكن أن تُخرج عليه هذه الصورة أم لا..
هذا موجز النظر في هذه المسألة، وبسطه وشرحه في مقام آخر بإذن الله.
مقتطفات أخرى
من الأفكار البسيطة جدا اللي مينفعش واحد يكون بيتكلم في أي موضوعات فلسفية أو دينية وهو جاهل بيها، أو مش عارف تداعيتها وتطبيقاتها:
إن نظريتك عن المعرفة ومصدر المعرفة، والأسس التي بها تكون رؤيتك الكونية وفلسفتك الأخلاقية= هو الذي ينعكس على جميع تفاصيل رؤاك وتصرفاتك.
يعني أنا بعتقد إن فيه دين حق، وإن هذا الدين الحق لا يستوي مع غيره، ولا يستوي أتباعه مع غيرهم، وهو المقدس الحق وغيره من الأديان المحرفة والفلسفات الوضعية لا يمكن الحكم على ما فيها بأنه حق إلا حكمًا تابعًا لمعيارية الدين الحق الذي أؤمن به.
ممتاز، ده هينعكس على كل حاجة، فهعتقد إن فيه حاجات تجوز لي من حيث كوني مسلما(مثلا)، وإن المصدر المقدس بتاعي أعطاني الحق فيها ولم يعطه لغيري، ونفس التصرفات دي هي هي في الصورة: هعتقد إنها لا تجوز لغيري؛ لأن دينه محرف، وليس معه مصدر مقدس يعطيه الحق فيها، وهو كمان هيعتقد العكس= بالضبط كده هو ده مجرى الحياة منذ خلق الله الناس وإلى أن تقوم الساعة.
فيه حاجات هي ممنوعة مطلقًا لا يجوز لي فعلها حتى لو هو كان بيعملها وحتى لو كنت أقوى منه وحتى لو كان هو كافر وأنا مسلم؛ لأن ديني منعني منها= زي إكراهه على الإيمان أو إفنائه مثلًا، وتنشأ الانحرافات بين أتباع الحق من تضييعهم لهذه الحدود واعتدائهم على أتباع الباطل بما لم يأذن به الله، ولذلك تبقى انحرافات يجب رفضها وقمعها لكنها لا تلغي مساحة التمييز التي للحق وأتباعه على الباطل وأتباعه.
لكن فيه حاجات أبيحت لي أمرت ألا أسوي فيها بينه وبين المؤمنين.
هتكون حربي العادلة عادلة وحربه هو اللي فاكرها عادلة= آثام وجرايم هتدخله النار.
وهيدخل معاه النار المسلم المنحرف الذي يستغل مفهوم الحرب العادلة ليعلو في الأرض ويفسد فيها، عادي مفيش صك غفران ليك عشان انت مسلم.
هتكون سلطتي في منعه من بعض الأشياء سلطة مقدسة وحقي= وهذه السلطة لو اعتقدها هتكون سلطة ظالمة آثمة لأن ممعاهوش مصدر مقدس بيها.
أنا جهاد وفتح وهما احتلال وعدوان.
آه لأن الأرض لله ومحدش معاه سلطة من الله على الأرض إلا من معهم دين مقدس سالم من التحريف.
قتلانا في الجنة.
قتلاهم في النار.
كونك بأه ممكن تكون ضعيف متعرفش تستخدم التصرفات دي، وهو يقدر= فدي برضه سنة الله في الأرض، ممكن تسكت وتعفو وتفوت، وتسيب الكفار يعبدوا الأصنام في الكعبة وانت تروح تطوف جنبها عادي= وأول ما تقدر بتدخل وبتكسرها من حوالين الكعبة، رغم إنك لما منعوك من العبادة= وصفتهم بالصد عن سبيل الله .
آه: فعلهم هم صد عن سبيل الله.
هدمي لأصنامهم: هو تدمير للشرك بالله رغم إنهم هما بيعتقدوه صد عن سبيل الله.
ده الطبيعي.
ببساطة: الله مولانا ولا مولى لهم.
وهنا السلطة القيمية في الأفعال والتصرفات مش هتكون راجعة لمين يقدر ينفذ وإنما ببساطة: لمين شايف إن معاه مصدر مقدس أباح له هذا التصرف، الفعل والقوة في تفعيل القيمة= هو اللي هيكون راجع للقدرة من عدمها مش سلطة صوابية الفعل هي اللي راجعة للقدرة، ومينفعش ترغي في الكلام ده وانت مش قادر تفهم الفرق بين الاتنين.
طيب ما كله شايف إن معاه السلطة دي ومصدره صح؟
آه. وده الطبيعي 🙂
وعشان كده فيه آخرة هتقول للي كانوا شايفين كده وهما هُبل: أهلا وسهلا بحضراتكم انتم لبستم في الحيطة وهتخشوا النار.
ييجي واحد بأه يريد إنه يحاكم التطبيقات المبنية على اللي فات ده على أساس منظومة تانية شايفة كل الناس حلوين وسواسية ويلا حبوا بعض، ولا يوجد حد معه الحق، ولا يوجد مقدس يستحق اسم المقدس، ومحدش عارف الصح فين، وربنا يولي من يصلح= ده ببساطة يبقى مش فاهم هو بيحكي في إيه أصلا.
صحابة رسول الله كانوا عربًا قبل أن يكونوا صحابة مؤمنين صالحين، ثم صقل الإيمان عروبتهم، ولا شيء أقرب لجوهر الرجولة من عروبة الصحراء القاسية قد صقلتها نداوة الإيمان الذي أوحى به الله على سيد الرجال والأنبياء محمد بن عبد الله.
أعطانا الإسلام هدية عظمى بأن جعل معدن هذه الرسالة الخاتمة عربيًا، ثم أعطانا هدية عظيمة أخرى بأن أعطانا سير الرعيل الأول لتكون ميثاقًا للرجولة، وورثنا عن العرب موروثًا رجوليًا رائعًا احتوته كتب الأدب ولا يضره أن احتاج لشيء من فك الاشتباك بين رجولة العرب وخشونة الأعراب.
ثم جئنا نحن فتلونا هذا كله هذًا كهذ الشعر، ثم تركناه وراءنا، وذهبنا نربي أبناءنا على قواعد التهذيب المدرسي، حيث يكون معيار أدب الرجل هو نفس معيار أدب الفتاة، وجعلنا قواعد التهذيب المدرسي ميثاقًا للرجولة، فإذا ترقى الرجل فدخل في التدين صقل قواعد التهذيب المدرسي بتدين انتقائي فيه من النسك الأعجمي والتصوف المسيحي أكثر مما فيه من هذا الدين العربي الفحل.
وإذا أردنا أن نكسر دائرة السوء هذه فلابد أن ننطلق من أساس أولي وهو أن تربية الذكر على قواعد التهذيب المجتمعي التي حفظناها عن أهلنا وعن معلمينا وتلوناها حكمًا مأثورة من الغلاف الخلفي للكراسات في الثمانينات= هي ببساطة عملية قتل منتظم للرجولة.
ربع إيدك.
اقعد مؤدب.
لو حد ضربك قل للمس.
ما تعملش دوشة.
ما تكسرش حاجة.
مش عاوز مشاكل.
حرص سلامة أمان هدوء سلامة حرص هدوء أمان هدوء أمان سلامة حرص.
وطائفة أخرى استمدوا قواعد الرجولة من تقليد اجتماعي فاسد، فمعالم الرجولة يربونها عن طريق أن يجرب الولد رجولته بالعدوان على أخته، أو بقتل طفولته وتحميله ما لا يحتمل.
ولا يمكن للذكر أن يكون رجلًا عن طريق هذه القواعد التي تؤسس للبلطجة، أو تلك التي تكبت جموحه وتعتبر عدوانيته شذوذًا، فبقدر استسلامه لهذا ستُقتل رجولته، وبقدر تطرفه عنه ستنبت فيه رجولة خائفة، والرجولة المجروحة المهذبة هي التي يسميها الناس أدبًا، والرجولة المجروحة الخائفة هي التي يسميها الناس البلطجة، والبلطجية، هم الوجه الآخر لعملة الأولاد المهذبين، كلاهما رجولة قتلت أو شوهت.