أحمد سالم

أحمد سالم

ليس هذا المنشور للتفسير والشرح العام، ولا هو من المضنون به على غير أهله، إنما هو كلام أكتبه حتى لا أنساه فحسب، وقد كتبت أوله من قبل..

واحد من المظاهر العجيبة لغفلة الإنسان عن طبيعة الحياة ورسالة وجوده فيها،  ومآل هذه الدنيا كلها إلى الآخرة، هو انغماسنا في رسالة الحضارة الحديثة، رسالة تخدير الألم، وفرط التداوي، وسرينة الإسعاف وعشرات الأسلاك ومريض مسن في مستشفى بارد يرى أهله إن أحس بهم لساعة أو ساعتين لمجرد أن أهله يريدون دفع مشاعر الذنب عنهم، بأنهم قد أحيوا حبيبهم لأطول فترة ممكنة، بتعبير كوبلر: إطالة أمد الحياة بدلًا من جعلها أكثر إنسانية.

هذه الرغبة المحمومة في إنكار الموت والفرار منه، في إنكار الألم والفرار منه، في عدم تقبل المحدودية والعجز= هي نفسها التي تقف خلف غفلتنا عن الآخرة وخوضنا لآلام الحياة التي لا نستطيع تجنبها أو تخديرها، ونحن فاقدين للأمل والمعنى؛ فقد اكتشفنا فجأة أننا أقل تحكمًا مما كنا نظن، وأن في الحياة ما لا دواء له، وصرنا عاجزين تمامًا عن اكتشاف الغرض والمعنى فيما له ألم سواء وجد له دواء أم لم يوجد، وفوق ذلك صرنا نشعر بالصدمة حين نكتشف  أننا ويا للعجب: لسنا آلهة.

مشاركة

مقتطفات أخرى

أحد مميزات الأماني أنها تتيح لك فرصة الجمع بين أجمل الخيارات والبدائل، فتحلم بتفوق دراسي ومهني وصحة جيدة ونفس مبتهجة وزواج ناجح وأبناء رائعين ووفرة في العمر والمال والعلاقات.

أما الحياة الحقيقية فمبنية على النقص والفوت، والخطر والاختيار العسر بين المسارات التي لا يمكن الجمع بينها.

وهذا الاختيار العسر نفسه هو مفتاح الالتزام بأداء حق ما اخترت من غير أن تمد عينك للفوت.
وتلك هي الوسيلة التي تمكنك من توفية العيش حقه؛ لأنك إن إن أنضجتك الأيام بما يكفي= فستعلم أنه ليس للجمع بين الفرص سبيل ما دمنا في الدنيا، وأنه لا مفر من الفوت؛ فتجتهد في الاختيار ما استطعت، ثم تحتمل النقص، وتشكر النعمة، وترضى القسمة، وترجو الآخرة فوحدها تجزيك على إحسانك ذاك نعيمًا لا نقص فيه ولا فوت.

اقرأ المزيد

جون جوتمان عالم نفس ورياضيات أمريكي عمل طويلا على ما أسماه رياضيات الطلاق محاولًا تحديد أهم العوامل المتحكمة في نجاح الزواج أو فشله؛ ليصل بعد آلاف الساعات من البحث العميق إلى أن الاحتقار هو العاطفة الأسوأ على الإطلاق والتي إذا ما وجدت بين زوجين فهي المعيار الأساسي على أن هذا الزواج فاشل، وغالبا ما سينتهي بالطلاق.

منذ سنوات أجريت محادثة مع واحدة من قريباتي، وكانت علاقتها بزوجها كارثية بكل المقاييس، قالت لي يومها: لقد أتيت من أسرتي إلى هذا الزواج وأنا على أتم الاستعداد لتقديس زوجي، وفي السنة الأولى من زواجنا كنت أبجله وأحترمه احترامًا قل نظيره، أما هو فكان أسوأ زوج يمكن للمرأة أن تحصل عليه، ومن هنا بدأ احتقاري له، وكالعادة لولا الأولاد لما استمر هذا الزواج، وما دام سيظل مستمرًا فلا خيار أمامي سوى أن أعيشه كما تعيش المرأة مع شخص تحتقره.

إذا فقدت الاحترام لشريك حياتك، ووصلت معه لمرحلة الاشمئزاز والاحتقار، ولم تكن متجنيًا في تكوينك لهذه العاطفة نحوه= فمن الصعب أن يقنعك أحد بإمكان إصلاح هذا الزواج، قد يستمر لأسباب تراها ضرورية، قد يتغير شريك حياتك بمعجزة ما، لكن متى فُقد الاحترام ونمت عاطفة الاحتقار= من الصعب جدا أن يكون هناك زواج سعيد.
أما الاحترام المتبادل، والشعور بأن لشريك حياتك قيمة كبيرة عندك على علاته وعيوبه= فهو مفتاح نجاح الزواج.

اقرأ المزيد