
أحمد سالم
نص موجز جامع فيما أرجو:
هذا الكون الذي يقع الإنسان في نقطة قصية محدودة منه= مخلوق كائن بعد أن لم يكن، أوجده وأبدع تصويره خالق قدير عليم، لطيف خبير حكيم.
ومن جملة المخلوقات خلق الله آدم ليخلف من سبقه من خلق خلقهم الله، وقال الله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، فعبادة الله سبحانه هي المقصد الأساسي من خلق الله لعباده، فلم يخلق الله الناس ويتركهم بلا تكليف أو مسؤولية.
واختار الله للتكليف واسطة تكون بينه وبين خلقه في إبلاغ التكاليف وتعليمها للناس وهم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم.
والرسالة الإلهية التي يحملها النبي ليبلغها للناس ويعلمهم إياها ليعملوا بها هي التي يُطلق عليها اسم: الدين.
وبعمر الإنسانية وتتابع الناس= تتابع عليهم الرسل يبلغونهم رسالات الله، وجميعها رسالات تشترك في جزء ثابت لا يتغير وهو المعلومات والموضوعات المتعلقة بالله سبحانه والتي تعرف الناس بإلههم، والمعلومات المتعلقة بالموضوعات الأخلاقية الكبرى، والمتعلقة بمصير الناس بعد انتهاء الدنيا.
وتختلف هذه الرسالات في بعض أجزاء الحلال والحرام التي ليست من أصول الأخلاق وكليات القيم الكبرى وإنما تتعلق بما تختلف ظروفه وأحكامه بتغير الزمان والمكان.
ووفقًا لما تقدم فإن دين الأنبياء الذي جاؤوا به هو واحد في الموضوعات الكبرى، ويختلف في موضوعات أخرى، وما نراه اليوم من اختلاف بين الأديان في الموضوعات الكبرى هو ناتج من تحريف هذه الأديان على أيدي أتباعها.
ورسالات الأنبياء تأتي في صورة نصوص، يبلغها النبي بلسانه وأحيانًا يبلغها بنصوص مكتوبة بالإضافة للبيان اللساني، وبالتالي فإن فهم وتفسير الدين هو عملية فهم وتفسير للكلام الذي يتكلم به النبي مبلغًا إياه عن ربه، ويسبق عملية التفسير هذه عملية التوثق من صحة نسبة الكلام للمتكلم به.
وأول مراحل التوثق من النسبة أن نتوثق من آيات نبوة النبي الحامل للرسالة المبلغ عن ربه؛ لأن نسبة الكلام إلى الله غير ممكن التوثق منها إلا عبر التوثق من صحة دلائل نبوة النبي المبلغ للكلام عن الله.
وإثبات وجود الله وحتمية التدين وصحة نبوة النبي هي مهام يقوم بها علم الكلام.
وفي ديننا دين الإسلام تتمثل رسالة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام في نصين أساسيين وهما القرآن، كلام الله الذي أوحاه على نبيه ليبلغنا إياه آية وتبيانًا، فليس هو مجرد كتاب للرسالة فحسب، بل فوق وظيفة القرآن التعليمية التي يشبه فيها النصوص السابقة كالتوراة والإنجيل (قبل تحريفهما) فإنه أيضًا كتاب تحدى الله العرب والناس من ورائهم أن يأتوا بمثله في بيانه وروعة بلاغته.
ومع القرآن وحي آخر ولكن لم يُقصد به أن يكون آية بيانية، وإنما المقصد الأساسي منه أن يكون تزكية وتعليمًا للمؤمنين، فهو امتداد للوحي القرآني الأول، وهو السنة النبوية التي يتكلم بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لكن بدون أن ينسب نصوصه لله عز وجل لكنه تكلم بها بوحي من الله.
وقد قام علماء المسلمين بتأسيس مجموعة كبيرة من الحقول المعرفية والتخصصات العلمية المتعلقة بالرسالة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم، فكان من هذه الحقول والتخصصات تخصص يعتني بتفسير القرآن، وتخصص يعتني بشرح الحديث، وتخصص يعتني ببيان موضوعات العقيدة والأصول الكبرى للدين، وتخصص يعتني بالأحكام العملي المتعلقة بالتصرفات اليومية للفرد المسلم من ناحية الحلال والحرام، وهذا التخصص الأخير هو علم الفقه.
فديننا يرتكز بصورة أساسية على نصوص، وحقيقة الفقه فيه أنه فقه في هذه النصوص وتفسيرها وتعيين مراد المتكلم بها، ثم اتباع هذا المراد، تصديقًا بأخباره، وفعلًا لأوامره وتركًا لنواهيه.
والفقه في النصوص على هذا الوجه يستلزم القيام بخطوتين أساسيتين:
الأولى: التحقق من ثبوت هذه النصوص للمتكلم بها.
الثاني: التحقق من تفسير النص تفسيرًا مطابقًا لمراد المتكلم به.
ولأن هذه العلوم السابق ذكرها، تتناول تفسير النص فقد وجدت علوم أخرى تعتني بالاستيثاق من صحة النص، فلدينا نصان، الأول هو القرآن، وعملية الاستيثاق وصحة النسبة فيه تتعلق بمراحل تلاوة النبي له والذين حفظوه عنه والذين جمعوه ودونوه، ويشتغل بذلك من فروع المعارف الإسلامية: علوم القرآن.
أما السنة النبوية فهي أوسع ميادين التحقق من صحة النسبة، وتقوم بتلك المهمة علوم الحديث والسنة النبوية.
ويقوم علم التفسير ببيان معاني القرآن الكريم، ويقوم علم شرح الحديث ببيان معاني حديث النبي صلى الله عليه وسلم، بالإضافة لتدخل علماء الاعتقاد والفقه والسلوك والأخلاق كل يبين معاني النصوص التي تتعلق بمجاله المعرفي.
وعمليات التفسير هذه لها مناهج متبعة يختلف فيها العلماء ويتفقون، ومناهج تفسير النص هي التي يهتم بها علم أصول الفقه.
وعلم أصول الفقه يعتني بتحديد القواعد التي على أساسها تتم عملية تفسير القرآن والسنة من أجل استخراج الأحكام العملية التي تتعلق بالحلال والحرام، ومعنى اسم تخصص أصول الفقه، أنه يعتني بمعرفة وتحديد القواعد التي على أساسها يتم تفسير النص تفسيرًا له غرض معين هو معرفة أحكام الحلال والحرام.
والحق أن هذه القواعد الخاصة بتفسير النص ليست محصورة في أنها تُستخدم من أجل استخراج أحكام الحلال والحرام فهي قواعد لتفسير النص الإسلامي في مختلف مجالاته وأغراضه، ولكن العناية بتحديد هذه القواعد بدأت أولًا بين علماء الفقه؛ نظرًا لمركزية العمل اليومي في البناء الإسلامي؛ فمن أجل ذلك نسبت هذه القواعد للفقه، وكانت في موضوعات علم أصول الفقه مواضيع خاصة بنصوص الإسلام التي تتعلق بالفقه والأحكام العملية.
مقتطفات أخرى
تصحيح خطأ شائع حول مفهوم الخمار في الوحي، وبيان أن الطرحة القصيرة على أي شكل من أشكال الثياب الساترة للجسد هي حجاب شرعي صحيح.
لما قال الله سبحانه آمرًا المؤمنات: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن}.
لم يقصد سبحانه بالخمار الأشكال الشائعة الواسعة التي تصل لمنتصف الجسد، وإنما قصد سبحانه تغطية الرأس بما يستر العنق وفتحة الصدر، فقد كان من زينة المرأة العربية أن تكشف شعرها وعنقها وأعلى صدرها، فالأمر بالحجاب، وبالخمار على الحقيقة هو أمر بستر لحم المرأة سوى وجهها وكفيها وقدميها (على المختار) ولم يقل فقيه أو مفسر قط بأن هذه الصورة هي الخمار أو الحجاب الذي في النصوص، فالتخمير هو التغطية ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: خمروا آنيتكم، وسميت الخمر خمرًا لأنه تغطي إدارك العقل، والتغطية المنصوص عليها أصالة هنا هي تغطية الرأس والعنق وصفحة الصدر وهي المقصودة في قوله عليه الصلاة والسلام: لا صلاة لحائض إلا بخمار.
ولا يختلف علماء العربية، والفقهاء، والمفسرون، جميعًا؛ أنَّ الخمار هو غطاء الرأس، وأنَّ «الخمار للمرأة كالعمامة للرجل»، وقال ابن كثير: «هو ما يخمر به، أي: يغطى به الرأس، وهي التي تسميها الناس المقانع»، وعلى ذلك فسَّرُوا المقنعة أيضًا: «قَالَ اللَّيْث: الـمِقنَعة: مَا تقنِّع بِهِ المرأةُ رأسَها. قَالَ: والقِناع أوسع مِنْهَا»، «والـمِقْنَعُ والـمِقْنَعَةُ - بكَسْرِ مِيمِهما -، الأُولَى عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: مَا تُقَنِّعُ بِهِ المَرْأةُ رأْسَهَا ومَحَاسِنَها، أيْ: تُغَطِّي».
وفي شرح العمدة: «قال ابن عباس: هو الوجه والكفان. وهو كما قال؛ لأنَّ الوجه والكفين يظهران منها في عموم الأحوال ولا يمكنها سترهما مع العمل المعتاد، ولأنَّه قال: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}، فأمرهن بإرخاء الخمر على الجيوب لستر أعناقهن وصدورهن، فلو كان ستر الوجه واليدين واجبًا لأمر به كما أمر بستر الأعناق».
فالمراد في كل ذلك هو ستر العورة أن تكشف والعورة هنا هي الرأس ولحم العنق والصدر، أما إذا كان الصدر مغطى بالعباءة فلا علاقة للخمار الشرعي بتغطية الصدر لأنه مغطى أصلا، فالطرحة العادية التي لا يبين منها شعر الرأس ولا لحم العنق هي حجاب شرعي صحيح، والصدر المستور بالعباءة أو الفستان هو صدر مستور العورة لا يحتاج لخمار يستره لتحقيق الحجاب الواجب، فهذا تحقيق للحجاب الواجب الصحيح..
وإنما يزيد الناس على ذلك أردية واسعة كالخمار بالشكل الشائع أو غيره من باب المبالغة في الستر وهذا خيار مشروع يأجرهن الله فيه على قصدهن، لكن ليس هذا متعلقًا بحد الخمار الواجب.
من أشق أنواع الابتلاء، أن تفتح عينك في الصباح شاعرًا بثقل العالم والناس والمسؤوليات.
ولا شيء يهون هذا الثقل مثل امتنانك لله، امتنانك أنك هنا حي تسعى، امتنانك أن الله فتح لك أبوابًا من الاستطاعة تحمل بها هذا الثقل مهما كان ينوء به ظهرك، امتنانك أن هناك من يحبك ويرجو لك الخير، امتنانك أن الحياة أعطتك فرصة جديدة لإصلاح أخطاء الأمس مع حقك في ارتكاب أخطاء جديدة عادي 😀
واحد من الانتصارات اليومية الكبيرة التي نجحد فضلها وننسى شكرها، ولا نثني على أنفسنا بما يكفي كوننا حققناها ووصلنا لها= أننا مازلنا أحياء.
وكان من دعاء رسول الله إذا أصبح: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور.
وحثنا على أن نقول: الحمد الله الذي عافاني في جسدي ورد علي روحي وأذن لي بذكره.
أن تواصل الحياة يومًا بعد يوم، تجاهد آلاف التفاصيل اليومية الصغيرة وتودعها لتقابلها مرة أخرى يومًا من بعد يوم، هذا هو الانتصار الذي يبخسه الناس قدره.