
أحمد سالم
من تمام نعمة الله على عباده المؤمنين أن ينزل بهم الشدة والضر وما يلجئهم إلى توحيده فيدعونه مخلصين له الدين ويرجونه لا يرجون أحدا سواه، وتتعلق قلوبهم به لا بغيره ، فيحصل لهم من التوكل عليه والإنابة إليه، وحلاوة الإيمان وذوق طعمه، والبراءة من الشرك ما هو أعظم نعمة عليهم من زوال المرض والخوف، أو الجدب، أو حصول اليسر وزوال العسر في المعيشة؛، فإن ذلك (أي حصول اليسر والفرج) لذات بدنية ونعم دنيوية قد يحصل للكافر منها أعظم مما يحصل للمؤمن، وأما ما يحصل لأهل التوحيد المخلصين لله الدين= فأعظم من أن يعبر عن كنهه مقال، أو يستحضر تفصيله بال، ولكل مؤمن من ذلك نصيب بقدر إيمانه.
ولهذا قال بعض السلف: يا ابن آدم لقد بورك لك في حاجة أكثرت فيها من قرب باب سيدك.
وقال بعض الشيوخ: أنه ليكون لي إلى الله حاجة فأدعوه فيفتح لي من لذيذ معرفته وحلاوة مناجاته ما لا أحب معه أن يعجل قضاء حاجتي خشية أن تنصرف نفسي عن ذلك.
لأن النفس لا تريد إلا حظها فإذا قضي انصرفت، وفي بعض الإسرائيليات، يقول الله: يا ابن آدم البلاء يجمع بيني وبينك، والعافية تجمع بينك وبين نفسك.
ابن تيمية.
مقتطفات أخرى
لعله يمر بيوم سيئ، حدث شيء ما اهتز له عالمه وسقمت به روحه واعتلت نفسه.
هذا عذر نادرًا ما يخطئ، يمكنك دائمًا أن تطمئن له، وأن تصفح به عن (فلتات) أحبابك التي أوجعوك بها قولًا أو فعلًا؛ فخاب أملك.
فهي لا تزال فلتات وهم ما زالوا أحبابك، والحياة قاسية، ولا يمكننا على الدوام أن نكون مثاليين.
خلق الإنسان ليخوض رحلة الحياة محملة بأنواع شتى من اختبارات العيش ومحن التجارب؛ لأن هذا هو الطريق الذي اختاره الله لنا لكي نثبت من خلاله أننا نستحق كرامة الإنسانية وما أعده الله للذين أحسنوا حمل الأمانة ورعوها حق رعايتها.
ثم كان من رحمة الله بنا أن جعل التواصي بالحق والتواصي بالصبر والحرص على تبادل النفع= من أعظم ما يعيننا على خوض هذه الرحلة العصيبة.
فما من إنسان منا يقدر أن يستغني عن دعم من حوله ولا عن وقوفهم بجانبه، وما من إنسان منا يقصر في تقديم دعم واجب للذين مِن حوله، إلا وهو آثم يجب عليه من التوبة والاستغفار واستدراك النقص ما يكفر عنه خطيئة التقصير.
ورغم أن الإنسان قد يُبتلى بأهل مقصرين في إعانته ودعمه.
ورغم أن الإنسان قد يجد الدعم والإعانة من أصدقائه وجيرانه والذين يرجون الخير ويعينون الناس من غير سابق صلة.
إلا أن معين الدعم والإعانة الذي لا زال ولم يزل يستعين به الناس في العالم من حولنا، وفي الدنيا منذ كانت= هو دعم الأهل والأرحام وشبكات الروابط العائلية، وسيظل الذين يفقدون زادهم منها أقل بكثير من الذين يفقدون زادهم من مصادر الدعم الأخرى.
لقد كتب الله على الرحم مذ خلقها قدرة لا تنضب على تقديم الحب غير المشروط والدعم غير المنقوص والإعانة التي لا تنقطع، مهما قصر قوم وضيع آخرون ستظل تلك هي الحقيقة الغالبة التي لا تقدر الاستثناءات على مكاثرتها.
لأجل عشرية عمرك الأولى العاجزة، ولأجل عشرية عمرك الثانية المضطربة، ولأجل عشرية عمرك الثالثة الغرورة، ولأجل عشرية عمرك الرابعة الشاحبة ولأجل عشرية عمرك الخامسة الباردة، ولأجل عشرياتك التي تلي ذلك تستعيد فيها عجزك الأول وتخلو فيها حياتك من زحمتها التي عودتك عليها= لأجل كل ذلك يتزوج الناس.