
أحمد سالم
من العبادات المهجورة في الدعاء أن تجعل سائر دعائك ثناء على الله وتسبيحًا بحمده وشكرًا لنعمته.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)).
وسئل سفيان بن عيينة عن ذلك: لماذا كان أفضل الدعاء -أي مع أنه ثناء ليس فيه طلب؟
فقال: ألم تسمع قول أمية ابن أبي الصلت في مدح عبدالله بن جدعان:
أأذكر حاجتي أم قد كفاني .. حياؤك أن شيــــــــــمتك الحياء
إذا أثنى عليك المرء يومـاً كفــاه مــــــن تعرضــــه الثنـاء
قال سفيان: فهذا مخلوقٌ حين نسب إلى الكرم اكتفى بالثناء واستغنى عن السؤال، فيكف بالخالق المتعال.
مقتطفات أخرى
ليس هناك بديل تربوي على الإطلاق يغني عن وجود أبوين تربطهما علاقة مودة وحب، وليس هناك نظرية تربوية يمكن أن تحل محل أبوين حبيبين.
عالم النفس الشهير: إيريك بيرن.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «ما من غازيَةٍ أو سَرِيَّةٍ تغزو فَتَغْنَم وَتَسْلَمُ إلا كانوا قد تَعَجَّلُوا ثُلُثَي أُجُورِهِمْ، ومَا من غَازِيَةٍ أَوْ سَرِيَّةٍ تُخْفِقُ وَتُصَابُ إِلاَّ تم أُجُورُهُمْ».
لا يخبرنا هذا الحديث فقط بأن النصر والغلبة الدنيوية ليست هي مدار العمل والأجر، بل أبلغ من ذلك يخبرنا أن تمام الأجر يحدث مع الإخفاق والهزيمة، وذلك لأن المنتصر يرى بعين الشهادة ما يرضي نفسه ويثبت إيمانه، أما من أخفق وانهزم فهو ثابت على إيمانه بالغيب يرجو وعد الآخرة.
والنصر له ألف أب يدعونه وينتسبون إليه ويظنون معه صحة ما هم عليه، ويغنمون من الدنيا ما يحل لهم لكنه يكون جزاء معجلًا لا يستوي مع من أجل جزاءه ليوم الحق المشهود.
أما أولئك الراسخين الثابتين على الرغم من غياب النصر الدنيوي فأولئك يتم إيمانهم ويتم أجرهم.
وفي هذا المعنى يقول عبد الرحمن بن عوف: ((قُتِل مُصعب بن عمير رضي الله عنه وهو خيرٌ مني، فلم يوجد له ما يُكفَّن فيه إلا بُردة إن غُطِّيَ بها رأسه بَدَت رِجْلاه؛ وإن غُطِّيَ بها رجلاه بدا رأسه، ثم بُسِط لنا مِنَ الدنيا ما بُسِط، أو قال: أُعْطِينا من الدنيا ما أُعطِينا، قد خَشِينَا أن تكون حَسَنَاتُنا عُجِّلَت لنا، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام)).
وإن أعظم غيب آمنت به= غيبٌ تكون في شهادته راحةُ نفسك؛ فإنك إن صبرت على ألمِ الغيب وآمنت به، ورضيت أن تَبقى مؤمنًا به وهو غيب لم ترى شهادته بالنصر وعقوبة الظالم في الدنيا، رغم أن راحتك في شهادته وأن تنال العافية وتشتفي من ظالمك= كان لك من أجر المؤمنين بقدر صبرك وألمك، ما لا يكون لمن شهد هذا الغيب فأراه الله ما يشفي صدره في الدنيا.