
أحمد سالم
الإنسان كائن هش ضعيف جداً، لكنه -للأسف- لا يشعر بهشاشته هذه إلا حين يمرض، أو يقع في ضائقة، أو تحل به مصيبة.
أما سوى ذلك= فإن الإنسان يطغى، ويغفل، وينسى، ويجحد.
وقدرة الإنسان على استحضار هشاشته وضعفه، وافتقاره إلى مولاه في السراء، لا في الضراء= هي أحد الموازين المهمة التي يقاس بها إيمان القلب.
مقتطفات أخرى
كانت لدى عرب الجاهلية قيم أخلاقية حسنة كالكرم ونجدة الملهوف ونصرة الضعيف، وكانت بلا شك من بقايا الوحي والنبوة القديمة، لكنها خُلطت بمنظور اجتماعي جعل غرض تلك الأخلاق هو الرفعة بين الناس واتقاء ذمهم؛ لأجل ذلك أتى الإسلام بمنظوره الأخلاقي ليبطل هذا الغرض ويجعله رياء ويجعله شعبة من الشرك؛ إذ إن بناء الأخلاق على التقاليد الاجتماعية وما يمدحه الناس أو يذمونه؛ كفيل بحرف تلك الأخلاق عن وجهتها وكفيل بأن تُخلط بكثير من الباطل.
ومن فهم هذا أيقن بأن الخير الأخلاقي متى خلط بالتقاليد الاجتماعية وثقافة العيب الشعبية= فإنه ينحرف عن مقصود الله ويكون وبالًا قليل الخير.
عن نمو الإنسان وتفرده وانتقاله عن موروثه وما ألفه من المعرفة والدين، إلى وعي جديد بنفسه وبربه وبعالمه كله، يقول ابن القيم:
قال المسيح للحواريين: إنكم لن تلجوا ملكوت السماوات حتى تولدوا مرتين.
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول: هي ولادة الأرواح والقلوب من الأبدان، وخروجها من عالم الطبيعة، كما ولدت الأبدان من البدن وخرجت منه. والولادة الأخرى: هي الولادة المعروفة.
فللروح في هذا العالم نشأتان:
إحداهما: النشأة الطبيعية المشتركة.
والثانية: نشأة قلبية روحانية، يولد بها قلبه، وينفصل عن مشيمة طبعه، كما ولد بدنه وانفصل عن مشيمة البطن.
ومن لم يصدق بهذا فليضرب عن هذا صفحا، وليشتغل بغيره.