أحمد سالم
والناس يظنون أن البلاء خير للمؤمن، وأعينهم تشير إلى حظ من الدنيا يأتيهم يسمونه العوض.
وهذا شكل آخر يُضم لأشكال متكررة من تعلق الإنسان بالعاجلة.
فالله عز وجل يثيب في الدنيا أحيانًا، ولكن هذه الإثابة نفسها هي بلاء آخر وليست هي الخير الذي في الحديث.
فبلاء المصيبة خيره في تحريكه الإنسان لعبودية الصبر، وبلاء النعمة خيره في تحريك الإنسان لعبودية الشكر.
فليس بعد البلاء حظ من الدنيا ولا عوض ترجوه حتمًا، قد يحدث هذا وتكون ساعتها نعمة تستوجب الشكر وذاك بلاء جديد، وقد لا يحدث هذا وتكون ساعتها مصيبة تستوجب الصبر وذاك بلاء جديد.
والله سبحانه يقول لنبيه: فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون.
وقضاء الله في الإنسان يدور كله حول تعريض الإنسان لفصول الامتحان التي تستفز فيه طاقة العبودية لتبلغ به مرتبة الكمال التي يباهي الله بها ملائكته ويجزي بها عبدَه الجنة.
مقتطفات أخرى
أثقل أعباء الدنيا؛ هو إحساس الأمان الذي تستمده الأسرة من رجلها.
والرجال وإن كانوا يمدحون بألسنتهم المرأة التي تحمل الهم معهم إلا أن الكملة منهم ينفردون بهذا الهم وحدهم، وأقصى ما يطالبون به هو الدعم المجمل منه غالبًا، والمواساة التي لا تلح السؤال عن تفاصيل ما ينوء به الحمل..
وأكمل الكملة هم الذين لا يجعلون همومهم تعلة يسقطون بها حقوق أزواجهم وذرياتهم.
يشاركون زوجاتهم في مشكلاتهم مشاركة تستقبل الدعم والرأي، ولهم في رسول الله أسوة حسنة فقد شاور زوجاته الرأي ونزل على رأيهم أحيانًا، وشارك ما أغمه مع أم المؤمنين خديجة واستقبل دعمها ومواساتها.
ولكنهم لا يسرفون في ذلك بل ينتقون ما يشاركون به؛ ففي تاريخ بغداد عن إبراهيم الحربي قال: ((الرَّجُل هو الذي يُدخل غمَّه على نفْسه ولا يغم عياله)).
مهما بلغت شراسة الفنون القتالية فإنها جميعًا تشترك في اشتراط القتال الشريف بلا خسة ولا غدر.
لما ابتكر جيش الاحتلال فنًا قتاليًا وهو الكرافاماجا، ابتكروه فنًا يستهدف المناطق الحساسة في الجسد، وهو الفن الوحيد الذي يبيح مباغتة الخصم والغدر به وضربه من الخلف.
حتى الفنون القتالية تكشف عن الدناءة والخسة المتأصلة والعريقة في هذا الجنس الحقير المغضوب عليه.