
أحمد سالم
في ختام ثلاثية سيد الخواتم، ولما شعر البطل (فرودو) بأنه لم يعد يستطيع تحمل ثقل مسؤولية حمله للخاتم، اقترب منه صديق وقال له: لا يمكنني أن أحمله بدلًا منك ولكن يمكنني أن أحملك.
هذا هو جوهر المواساة، لا أستطيع أن أزيح الهم عن كاهلك، لكنني هنا بجوارك تستند علي حتى تستطيع التعامل مع الثقل الذي تمر به.
أنا هنا، وأنا معك.
وفي حادثة الإفك تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
((وقدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ ويَوْمًا حتَّى أظُنُّ أنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، قَالَتْ: فَبيْنَا هُما جَالِسَانِ عِندِي وأَنَا أبْكِي، إذِ اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ، فأذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي)).
فقط جلست تبكي معاها، تقول ببكائها أنا هنا.
ولما بكى الأنصار قتلاهم في أحد حزن رسول الله أن ليس لحمزة بن أبي طالب من يبكي فقده ويواسيه هو في فقده لعمه فقال عليه الصلاة والسلام: ولكن حمزة لا بواكي له.
قل لأخيك: أنا هنا، لستَ وحدك، اقترب، ساند، تألم لألم أخيك، فالمسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
.

مقتطفات أخرى
القوة النفسية لا تعني ألا تلتوي من الألم، الالتواء من الألم ليس هشاشة، دع عنك ثرثرة المحجوبين عن أنفسهم.
لكن القوة التي ينبغي لك العمل على تنميتها هي: أن تحسن تلتوي من غير أن تنكسر.
وكثيرا ما يقع الناس في هذه الورطة، فترى الرجل إذا لقي أهله كان أسوأ الناس أخلاقا وأجشعهم نفسا وأقلهم خيرا، وإذا لقي غير الأهل من الأجانب لانت عريكته وانبسطت أخلاقه وجادت نفسه وكثر خيره، ولا شك أن من كان كذلك فهو محروم التوفيق زائغ عن سواء الطريق، نسأل الله السلامة.
محمد بن علي الشوكاني.