أحمد سالم
الإنسان تقوى نفسه على الشكر فيما يحدث بعد تعسر الأسباب، كما تقوى نفسه على الدعاء فيما تعسرت به الأسباب، وهذا كله من ضعف التوكل، وإذا أردت تقوية التوكل والقيام بعبوديته فدرب نفسك على دعاء الله بالتوفيق والسداد في كل الأمر، ودرب نفسك على شكر الله على نعمته مهما ظننتها بوهمك آلية الحدوث (احمد ربنا على مرتبك اللي بينزل عادي وعلى إنك لقيت أكل على الفطار وعلى إن فيه هدوم في الدولاب تلبسها)
لا تتعامل مع شيء من عطايا الله على أنه مضمون.
يغفل الإنسان عن الشكر في أحيان كثيرة ولا شك.
لكن مقصودي هنا هو العمد إلى الشكر ما استطعت، ومهما كان الشيء متوافرًا في حياتك وظننت وجوده أو حصوله مضمونًا مفروغًا منه.
ومن فروع ذلك في معاملة الناس: ألا تتعامل مع خير يصلك منهم بشعور استحقاق وضمانة، حتى ولو كان واجبًا عليهم، مفيش حاجة اسمها أشكر بابا ليه ما ده واجبه، من لا يشكر الناس لا يشكر الله، ومن قصر في شكر الناس لوهم الضمانة قصر في الشكر الله غفلة عن تفضل الله بالإعانة.
مقتطفات أخرى
الفعالية اليومية، الثابتة، والمنتظمة مهما قلت= هي أبقى أثرًا وأعظم ثمرة من الفعالية التي تأتي على فترات، أو موسمية، ولو كانت هذه الأخيرة ثقيلة ومكثفة، بل نفس هذه الفعالية اليومية هي التي تؤهل للانتفاع الأتم والأكمل بالفعالية المكثفة الموسمية.
تلك قاعدة أساسية من قواعد العلم والعمل والعيش، ويمكنك تطبيقها على أشياء كثيرة، فتزيد من أثر إنجازك، وتعينك على تفسير كثير من الظواهر المحيرة لك، بداية من مذاكرة أيام الامتحانات اللي بتطير وانت خارج من اللجنة، وانتهاء بإيمانيات رمضان التي تنطفئ سريعًا، ومرورًا بفرحة الفسحة مع أسرتك والتي لا تجد تفسيرًا لكونها لا تنعكس على باقي حياتكم.
المواسم المكثفة مهمة وضرورية، لكنها لا تؤتي أكلها إلا إذا غرست في أرض قد أخصبها الماء طوال العام ولو كان إخصابه لها مجرد قطرات.
السعي لأن أكون أفضل نسخة من نفسي= هذه رحلة ليس لها محطة وصول؛ لأن قابلية التحسين لا نهاية لها، والإنسان في الدنيا محدود لا يمكنه بلوغ أي حالة غير محدودة.
لذلك نحن نعبر عادة بتعبير أدق وهو: أفضل نسخة (ممكنة)، ممكنة بالنسبة لي هنا والآن، غدًا ستكون هناك فرصة لرفع سقف الممكن هذا إن بذلت أحسن ما أستطيع.
وأنا أيضًا لا أدري بيقين هل هذا أحسن ما أستطيع أم قصرت.
حالة الغموض ونقص اليقين ومحدودية العلم، واحدة من حالات النقص والألم التي هي جزء من الحياة، ويعد العيش رغم الألم، والعمل رغم الظن والنقص والغموض واللايقين= من علامات النضج النفسي.
الرغبة في أن أعلم وأطمئن وأتيقن هي كالرغبة في ألا أتألم= رغبات مشروعة ومقبولة، لكن ينبغي أن يتقبل الإنسان أنها لا تحصل كثيرًا، وبالتالي يعمل ويسعى على الرغم منها.
ابذل ما ترجو أنه أحسن ما تستطيع لبلوغ ما ترجو أنه أفضل نسخة ممكنة من نفسك هنا والآن، وفي الغد فرصة أخرى لتصحيح تقصير الأمس ولتطوير إحسانه معًا.