أحمد سالم
ومما يقرأه الناس من القرآن ولا يفقهه كثير منهم:
قول الله تعالى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ}.
قلتُ: والذي في هذه الآية هو مثل مضروب، ففي الآية رجل آتاه الله خيرًا عظيمًا، عاش فيه وتنعم، ثم كبرت سنه، فهو أحوج ما يكون لاستمرار انتفاعه بهذه الخير، ثم له ذرية ضعفاء فهو أحوج ما يكون لأن يُبقي لهم هذا الخير يتوارثونه فيكفيهم شر السؤال.
ثم إذا بإعصار يحرق جنته ويحرق معها آماله تلك كلها.
وكل هذا الذي تقدم ليس على ظاهره وإنما هو مثل ضربه الله لرجل أنعم الله عليه بالغنى، وهو يطيع الله في هذا المال ويشكر نعمته، ثم إذا بحال طاعته ينقلب إلى معصية يغرق فيها فيكفر النعمة وتغرق تلك الطاعات في بحر المعاصي التي استرسل فيها، حتى أحرقت الذنوب جنة طاعته التي سبقت منه، فليست الآية في جنة احترقت وغنى مال قد زال، وإنما هي في تاريخ طاعة قد ولى وأكله الذنب فما أبقى منه شيئًا، وإن بقى غناه على حاله.
مقتطفات أخرى
بعض من تعامله في هذه الدنيا، يقبل عليك ببسمته، وحلو عبارته، لكنك لو كنت فطِنًا سترى في عينه البغض وسوء الكيد.
يعطيك من طرف اللسان حلاوة ... ويروغ منك كما يروغ الثعلب
قابل الظاهر بالظاهر، واسأل الله أن يكفيك شره، ويرد كيده، وإياك أن تنخدع، لستَ بالخب ولا الخبُ يخدعك.
وإذا سألتَ كيف أميزهم؟
أقول لك صادقًا:
ستميزهم، لكن بعد أن تعطيك الحياة نصيبك من خبرة الخوازيق.
وقد يجدب الأرض على المؤمنين ويخيفهم من عدوهم لينيبوا إليه ويتوبوا من ذنوبهم فيجمع لهم بين غفران الذنوب وتفريج الكروب . وقد يملي للكفار ويرسل السماء عليهم مدرارا ؛ ويمددهم بأموال وبنين ويستدرجهم من حيث لا يعلمون إما ليأخذهم في الدنيا أخذ عزيز مقتدر وإما ليضعف عليهم العذاب في الآخرة فليس كل إنعام كرامة ولا كل امتحان عقوبة .
ابن تيمية.