أحمد سالم
لا يعرف الشوق إلا من يكابده … ولا الصبابة إلا من يعانيها
كثير من النصح الدي يرطم وجهك كل يوم إنما هو نصح بارد، قليل قليل من أهله هم الذين عانوا مشقة هذا الذي ينصحونك حوله.
لا تكفي معاناة التجربة وحدها للنصح، لكنها في مجال الحياة العملية والمعاناة الإنسانية توشك أن تكون شرطًا من شروط النصيحة، إلى جانب باقي شروط المعرفة.
يقول جون ألدريدج:
فكر في أولئك المتبجحين الذين يوهمونك أنهم لم ينكسروا أبداً، هل ستلجأ إليهم إن شعرت أن الدنيا تنهار من حولك؟!
لا، نحن نلجأ لأولئك الذين نظن أنهم عبروا هذا الطريق من قبل.!
ويقول ابن القيم في عبارة أخاذة مبهرة:
إنما يصدقك من أشرَق فيه ما أشرَق فيك.
مقتطفات أخرى
الإنسان كائن هش ضعيف جداً، لكنه -للأسف- لا يشعر بهشاشته هذه إلا حين يمرض، أو يقع في ضائقة، أو تحل به مصيبة.
أما سوى ذلك= فإن الإنسان يطغى، ويغفل، وينسى، ويجحد.
وقدرة الإنسان على استحضار هشاشته وضعفه، وافتقاره إلى مولاه في السراء، لا في الضراء= هي أحد الموازين المهمة التي يقاس بها إيمان القلب.
تزكو النفس بالأعمال الصالحة وإدامة الاتصال بشعب الإيمان، مخلصًا في الطاعة مستغفرًا تائبًا من الذنب، صابرًا في الضراء شاكرًا في السراء.
مستعملًا نعم الله في طاعة الله، عبد شكور، له ساعة يستجم فيها لكنه مع ذلك قد عمر حياته بالطاعة والإيمان، فيصيب العبد سهمًا من كل طاعة، لا يخلو يومه من بضعة أعمال من شعب الإيمان مثل:
الخوف من الله، الرجاء، التوكل، الصبر، الرضا بالقضاء، محبة الله، محبة النبي صلى الله عليه وسلم، المحبة في الله والبغض في الله، تعظيم الله وأوامره، حفظ حدود الله، سلامة الصدر، الطهارة، حسن الخلق، الرحمة، التواضع، الرفق، الحياء، العفاف، حسن العهد، بر الوالدين، صلة الأرحام، الإحسان بين الزوجين، العناية بالأبناء، إطعام الطعام، إكرام الضيف، الزيارة في الله، توقير الكبير، العناية بالمستضعفين، ذكر الله، طلب العلم، تعليم الناس، الدعاء، الاستغفار، الصلاة على النبي، الإصلاح بين الناس، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الهجرة والفرار من الفتن، أداء الأمانة، حفظ اللسان، إفشاء السلام، عيادة المريض، الصلاة على الميت واتباع الجنازة، الإقراض، الوفاء بالقرض، الذبح، حفظ الأيمان، كتابة الوصية، إماطة الأذى عن الطريق... إلخ.
هذا هو طريق تزكية النفس وتطهيرها وإصلاح فسادها وعيبها، والعلو بها نحو درجات الأولياء المقربين لرب العالمين.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن أصبح منكم اليوم صائمًا؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمَن تَبِعَ منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمَن أطعم منكم اليوم مسكينًا؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمَن عاد منكم اليوم مريضًا؟ قال أبو بكر: أنا، فقال صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعْنَ في امرئ إلا دخل الجنَّة)).