
أحمد سالم
الناس الآن ينبشون أحوال الضعيف المظلوم؛ لكي يستخرجوا منها ما يُحمله جريرة ما وقع به.
أما الوحي والدين ورسول الله سيد الخلق فلم يسأل عن أي شيء يتعلق بالحبشية المسيحية المظلومة، لا شيء إلا جعل الجناية في عنق ظالمها لا غير.
عن جابر، قال: لما رجعت مهاجرة الحبشة، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «ألا تحدثوني بأعجب ما رأيتم بأرض الحبشة»، قال فتية منهم: يا رسول الله، بينا نحن جلوس مرت علينا عجوز من عجائزهم، تحمل على رأسها قلة من ماء، فمرت بفتى منهم، فجعل إحدى يديه بين كتفيها، ثم دفعها على ركبتيها، فانكسرت قلتها، فلما ارتفعت، التفتت إليه، ثم قالت: ستعلم يا غدر إذا وضع الله الكرسي، وجمع الأولين والآخرين، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانا يكسبون، فسوف تعلم أمري وأمرك عنده غدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صدقت، ثم صدقت، كيف يقدس الله قوما لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم»
نحن نعيش بين جنبات مجتمع فاسد، وأُناس مخبولين والله.
مقتطفات أخرى
من العبادات المهجورة في الدعاء أن تجعل سائر دعائك ثناء على الله وتسبيحًا بحمده وشكرًا لنعمته.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)).
وسئل سفيان بن عيينة عن ذلك: لماذا كان أفضل الدعاء -أي مع أنه ثناء ليس فيه طلب؟
فقال: ألم تسمع قول أمية ابن أبي الصلت في مدح عبدالله بن جدعان:
أأذكر حاجتي أم قد كفاني .. حياؤك أن شيــــــــــمتك الحياء
إذا أثنى عليك المرء يومـاً كفــاه مــــــن تعرضــــه الثنـاء
قال سفيان: فهذا مخلوقٌ حين نسب إلى الكرم اكتفى بالثناء واستغنى عن السؤال، فيكف بالخالق المتعال.
عن الحزن والألم والبكاء:
في محنة أحد أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمَّا وَقَفَ عَلَى حَمْزَةَ قَالَ: لَنْ أُصَابَ بِمِثْلِكَ أَبَدًا! مَا وَقَفْتُ مَوْقِفًا قَطُّ أَغْيَظَ إلَيَّ مِنْ هَذَا»،
وفي حديث أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أُحُدٍ سَمِعَ نِسَاءَ الْأَنْصَارِ يَبْكِينَ فَقَالَ: لَكِنَّ حَمْزَةَ لَا بَوَاكِيَ...» رواه الحاكم وقال: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
وبعد أحد بثلاثة أشهر فقط وفي محنة أخرى أصيب صلى الله عليه وسلم في سبعين من أصحابه رضي الله عنه، قتلوا غدرا في بئر معونة، فحزن حزنا شديدا، قال أَنَسٌ رضي الله عنه: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ عَلَى سَرِيَّةٍ مَا وَجَدَ عَلَى السَّبْعِينَ الَّذِينَ أُصِيبُوا يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ، كَانُوا يُدْعَوْنَ الْقُرَّاءَ، فَمَكَثَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى قَتَلَتِهِمْ» وفي رواية قال أنس رضي الله عنه: «فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَزِنَ حُزْنًا قَطُّ أَشَدَّ مِنْهُ» رواه الشيخان.
قال القرافي: ((ذم الله قومًا لا يتألمون ولا يجدون للبأساء وقعًا)).