
أحمد سالم
هل هذه شماتة آثم عليها؟
الجواب: أما العبرة والعظة وحمد الله للاستراحة من فاجر= فلا تؤاخذ عليها، بل تؤجر فهي من أبواب العبودية.
لكن لا بد مع ذلك من أن تجمع في قلبك باقي حقوق المسلمين من الرحمة بمن مات من غير هداية إلى الخير، وأن تحب لهم لو لم يختم لهم هكذا كما تحب لنفسك، ثم باقي حقوق الخلق من الشفقة بكل نفس هلكت دون إيمانها.
ولا شك أن العبودية الثانية أليق أن تغلب على قلب المؤمن من الأولى.
ثم إن حمد الله لزوال فاجر، والعبرة والعظة إنما هما لوجه الله ولبيان عاقبة الظلم من طريق الشرع، لا لشفاء النفس، فإذا كانا لشفاء غيظ النفس والانتصار لها= خابت يد صاحبهما من الأجر ولم يأمن من الإثم.
وحمد الله هذا لا يفتقر إلى الثرثرة التي تؤذي قلوب مؤمنين يحزنون عليه ويألمون لفراقه؛ وإن أذية المسلم شر.
والطيب من القول وموعظة الصدق التي تجمع بين بيان الحق ورحمة الخلق هاهنا خير.
تبقى عظة مهمة: أن كل من نسي اسم الإسلام وما يستحقه، وذهب يذكر في هذه المقامات أبواباً لم تأت في الشرع إلا مع الكفار= فهو جدير بأن يخشى خشية صادقة أن يختم الله له بخاتمة السوء.
مقتطفات أخرى
يتعطش الكثيرون منا إلى المهارات التي ترفع من جودة علاقاتنا، وتعمق شعورنا بتمتين مهاراتنا وتطوير أنفسنا، وتمكننا من التواصل بفاعلية أكثر، ولكن لسوء الحظ فقد نشأنا في ظل ثقافة محيرة لإطلاق الأحكام وإصدار الأوامر وفرض العقوبات حتى أصبحنا نتعامل ونتواصل مع الآخرين وفقا لمزاياهم وعيوبهم التي نراها من وجهة نظرنا الفردية فحسب، تتمخض هذه الأنماط التقليدية –في أفضل الظروف- عن سوء الفهم، أو وقوع الالتباس، أو فشل التواصل ككل، والأدهى من ذلك أنها قد تثير الغضب وتسبب الألم وتقودنا في نهاية المطاف إلى العنف، فلا عجب إذن أن تنشأ الكثير من الصراعات من العدم ومن دون أدنى نية مسبقة لافتعالها.
التواصل الرحيم يتعلق بقدرة الإنسان على فهم مشاعره وتوكيد ذاته والمطالبة بحقوقه واحتياجاته، مع كون هذه المطالبة رحيمة ودودة تفهم الآخرين وترحمهم وتتعاطف معهم وتدخل إلى عالمهم، فهو تواصل وتراحم بعيدًا عن قمع الذات وإنكار الاحتياجات وبعيدًا في الوقت نفسه عن العلاقات التعاقدية التي يطالب الإنسان بما له ويؤدي ما عليه كأنما يتعامل مع آلات جامدة يدخل لها أكوادًا فتعطيه النتائج.
يؤهلك منهج التواصل الرحيم للإبحار في أعماق ذاتك وسبر أغوارها لاكتشاف ما هو حيوي وضروري، ولكي تكرس كل محاولاتك لتلبية احتياجاتك الإنسانية، تعلم كيف تنتقي الكلمات التي تعبر عن مشاعرك واحتياجاتك بدقة؛ فعندما تفهم احتياجاتك وتجيد التعبير عنها يمكنك أن تبني قاعدة ضخمة من العلاقات المرضية والمثمرة، أي أن هذه التقنية البسيطة –إذا ما أحسنت استثمارها- من شأنها أن تحدث تغييرًا جذريا يحول حياتك إلى الأفضل بطريقة مذهلة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أهل القرآن، أوتروا، فإن الله وتر، يحب الوتر».
فقال أعرابي: ما تقول؟
فقال صلى الله عليه وسلم: ليس لك، ولا لأصحابك.
قلت: وهذا الخبر أصل عظيم في باب عظيم:
وهو أن الخطاب بالعلم والإيمان قد يُتخفف فيه لبعض الناس بحسب دينهم وإيمانهم فلا يخاطبون بما يُخاطب به الأسبق إسلاما والأكمل إيمانًا، وأنه ليس يصلح كل الناس الازدياد في العمل، وإنما يكون المطلب الأعظم منهم هو ضبط أصول الفرائض المحرمات.
وهذا الحديث مما يظهر به معنى حديث الأعرابي الذي فيه أفلح إن صدق، وأنه في قوم مخصوصين خاطبتهم الشريعة بما لا ينفرهم ويخرجهم من الدين لثقل التكاليف على إيمانهم.
ومن هنا تعلم صحة ما أشرنا له مرارًا من خطورة رفع سقف الخطاب الدعوي بعلم وإيمان يُزعم أن التدين لا يكون إلا به، والحال أنه لا يطيقه أكثر المخاطبين، فيفرح الداعية بالقلة المستجيبة ويغفل عن الأكثرية التي بقت على حالها لثقل خطابه عليها، وفرحه غرور، يضر الناس ويٌقسد المجتمعات.