أحمد سالم

أحمد سالم

جون جوتمان عالم نفس ورياضيات أمريكي عمل طويلا على ما أسماه رياضيات الطلاق محاولًا تحديد أهم العوامل المتحكمة في نجاح الزواج أو فشله؛ ليصل بعد آلاف الساعات من البحث العميق إلى أن الاحتقار هو العاطفة الأسوأ على الإطلاق والتي إذا ما وجدت بين زوجين فهي المعيار الأساسي على أن هذا الزواج فاشل، وغالبا ما سينتهي بالطلاق.

منذ سنوات أجريت محادثة مع واحدة من قريباتي، وكانت علاقتها بزوجها كارثية بكل المقاييس، قالت لي يومها: لقد أتيت من أسرتي إلى هذا الزواج وأنا على أتم الاستعداد لتقديس زوجي، وفي السنة الأولى من زواجنا كنت أبجله وأحترمه احترامًا قل نظيره، أما هو فكان أسوأ زوج يمكن للمرأة أن تحصل عليه، ومن هنا بدأ احتقاري له، وكالعادة لولا الأولاد لما استمر هذا الزواج، وما دام سيظل مستمرًا فلا خيار أمامي سوى أن أعيشه كما تعيش المرأة مع شخص تحتقره.

إذا فقدت الاحترام لشريك حياتك، ووصلت معه لمرحلة الاشمئزاز والاحتقار، ولم تكن متجنيًا في تكوينك لهذه العاطفة نحوه= فمن الصعب أن يقنعك أحد بإمكان إصلاح هذا الزواج، قد يستمر لأسباب تراها ضرورية، قد يتغير شريك حياتك بمعجزة ما، لكن متى فُقد الاحترام ونمت عاطفة الاحتقار= من الصعب جدا أن يكون هناك زواج سعيد.
أما الاحترام المتبادل، والشعور بأن لشريك حياتك قيمة كبيرة عندك على علاته وعيوبه= فهو مفتاح نجاح الزواج.

مشاركة

مقتطفات أخرى

بسم الله والحمد لله..

تنبيه مهم: كل ذكر لليهودية والمسيحية هنا فالمراد بهما يهودية ومسيحية الكتاب المقدس الذي بين أيدي الناس اليوم.

لدينا تقابل وصراع قديم بين نمطين للتدين، أهل الشريعة في مقابل أهل الحقيقة.

النمط الأول يعطي فوقية وأولية للتشريعات والقوانين والأمر والنهي والطاعات والمحرمات مع تغلييه وتركيزه وإشاعته للنهي عن المحرمات وتعليقه لتدينه بمدى التحريمات التي ينتهي عنها، وهذا النمط هو الغالب على اليهودية، والغالب على بعض الفقهاء وهو الذي ورثته بعض التيارات الإسلامية، ويسميه شيخ الإسلام ابن تيمية: الموسوية، كناية عن اليهودية وما حملته من الآصار والأغلال، ويذكره كثيرًا عندما ينكر تشديدات الفقهاء.

والنمط الثاني: كره هذا الإطار القانوني الذي يسميه العهد الجديد: الناموس، ووجه تركيزه لبناء الصلة الروحية القلبية، وتطهير الباطن مع الاكتفاء بالإطار العام لمنهيات الوصايا العشر دون الإغراق في تفاصيل المنهيات تاركًا للصلة الروحية أن تعمل عملها في توجيه بوصلة الطاعة، مع إنكار واضح على الفريسيين وهم الاتجاه اليهودي المشدد على التحريمات والقوانين، وسماهم عيسى: الجيل الفاسد، غلاظ القلوب، وحكى عن نبوءة اشعيا قوله عن اليهود: هذا الشعب يكرمني بشفتيه وقلبه بعيد عني.

وهذا الاتجاه هو الذي ورثته طوائف من الصوفية، ويشيع في المتخففين من الالتزام بالتكاليف من العامة ونحوهم (ربك رب قلوب).
وهذا الاتجاه يسميه شيخ الإسلام: العيسوية، ويذكره كثيرًا في نقده للتصوف.

وهذا التقابل برجع في الحقيقة للطبع الإنساني، الذي يتوزع فيه الناس بين قابلية الغلو وقابلية الرقة والتساهل.

والاكتمال والاعتدال الذي يمثله الإسلام الدين الحق الذي ينبغي أن يطلبه الناس متجاوزين تلك الانحرافات التاريخية هو الجمع بين الإيمان الذي فيه تجاوز للانحرافات العقدية، والإسلام الذي فيه الالتزام بالتشريعات مع تعظيم جانب التزام الطاعات، والإحسان الذي فيه النفاذ إلى عمق التشريعات وغايتها أي تطهير الباطن وعقد الصلة بالله التي تجعل صلاتك تحقق نظامها الخارجي ثم تتجاوزه بعد ذلك إلى الغاية الكبرى وهي الصلة بالله كأنما أنت حين تقوم تصلي: ترى الله.

وطلب هذا الاكتمال والاعتدال رحلة طويلة يخوضها الإنسان مدة عمره، فيصيب تارة ويخطيء أخرى، لكنه متى وعى أن التشريعات هي الشكل الإجرائي الذي أراده الله وسيلة لمقام الإحسان= فقد امتلك خارطة الطريق وبوصلة الاتجاه.

اقرأ المزيد

من العبادات المهجورة في الدعاء أن تجعل سائر دعائك ثناء على الله وتسبيحًا بحمده وشكرًا لنعمته.

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)).

وسئل سفيان بن عيينة عن ذلك: لماذا كان أفضل الدعاء -أي مع أنه ثناء ليس فيه طلب؟

فقال: ألم تسمع قول أمية ابن أبي الصلت في مدح عبدالله بن جدعان:

  أأذكر حاجتي أم قد كفاني .. حياؤك أن شيــــــــــمتك الحياء 

   إذا أثنى عليك المرء يومـاً      كفــاه مــــــن تعرضــــه الثنـاء 

                          

قال سفيان: فهذا مخلوقٌ حين نسب إلى الكرم اكتفى بالثناء واستغنى عن السؤال، فيكف بالخالق المتعال.

اقرأ المزيد