أحمد سالم
العبد كلما كان أذل لله وأعظم افتقارا إليه وخضوعا له، كان أقرب إليه، وأعز له، وأعظم لقدره، فأعظم الخلق أعظمهم عبودية لله.
وأما المخلوق فكما قيل: احتج إلى من شئت تكن أسيره، واستغن عمن شئت تكن نظيره، وأحسن إلى من شئت تكن أميره.
فأعظم ما يكون العبد قدرا، وحرمة عند الخلق إذا لم يحتج إليهم بوجه من الوجوه، فإن أحسنت إليهم مع الاستغناء عنهم، كنت أعظم ما يكون عندهم، ومتى احتجت إليهم، ولو في شربه ماء، نقص قدرك عندهم بقدر حاجتك إليهم، وهذا من حكمة الله ورحمته ليكون الدين كله لله ولا يشرك به.
ولهذا قال حاتم الأصم: لما سئل: فيم السلامة من الناس؟ قال: أن يكون شيئك لهم مبذولا، وتكون من شيئهم آيسا.
ابن تيمية.
مقتطفات أخرى
قال رسول الله: ما ينبغي لنبي لبس لأمته أن يضعها.
والعلماء ورثة الأنبياء، فلا ينبغي على من سلك طريق العلم منهم أن يدع هذا الطريق ولا أن يضل عنه.
مما أُثر عن السلف إنكاره= التماوت وتخاشع الجسد ومشية الرجل كأنما على ظهره حمل من حطب، وكانوا يحبون الرجل يمشي لا يعرف إلا أنه واحد من الناس مسرع الخطو مشدود الظهر مرفوع الرأس.
قال أبو حاتم الرازي : كان أحمد بن حنبل إذا رأيته تعلم أنه لا يظهر النسك.
وقال البويطي صاحب الشافعي ــ رحمهما الله ــ : احذر كل متماوت.
وعن ابن المبارك قال ( إنه ليعجبني من القراء ، كل طلق مضحاك.
وعن عبيد الله بن عبد الله قال ( لم يكن البر يعرف في عمر وابنه حتى يقولا أو يفعلا ) .
قال يزيد بن هارون ، أخبرنا عبيد الله بن عبد الله بن أويس المدني عن الزهري عن سالم نحوه ، قال : قلت : يا أبا بكر ما تعني بذلك ؟ قال : لم يكونا مؤنثين ولا متماوتين .
وفي الباب آثار لا تثبت إلا أنها تدل على المعنى نفسه، ومن أحسنها معنى ما يروى عن الشفاء بنت عبد الله أنها رأت فتيانا يقتصدون في المشي رويدا ، فقالت (( ما هؤلاء ؟ فقالوا : نُسّاك . فقالت : كان والله عمر ــ رضي الله عنه ـــ إذا تكلم أسمع ، وإذا مشى أسرع ، وإذا ضرب أوجع ، وهو الناسك حقا )) .