أحمد سالم

أحمد سالم

ومما أتلمسه كلما سمعته= أدعية العامة؛ فإن فيها من صدق الإبانة، وحرارة الطلب ما لا تجده في تكلف متفاصحي المحاريب.

ولا شيء أقرب إلى ربك من انصراف الكلام من قلبك إلى لسانك لا تتكلف فصاحته ولا إعرابه، ففي صدق البيان وحراراة اللجوء ما يغنيك عن تشقيق الألفاظ.

أطلق لسانك اليوم بالدعاء، بمأثور الوحي وكلام رسول الله، وبما تفيض به نفسك ويلمس خضوع قلبك وإن لم يكن مزينًا ومحبرًا ومتفاصحًا.

ومن بديع كلام شيخ الإسلام رحمه الله: إن أصل الدعاء من القلب، واللسان تابع للقلب، ومن جعل همته في الدعاء تقويم لسانه أضعف توجه قلبه.

مشاركة

مقتطفات أخرى

لما أعطى رسولُ الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ما أعطى من تلك العطايا في قريش وقبائل العرب، ولم يكن في الأنصار منها شيء، وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم، حتى كَثُرت فيهم القالة، حتى قال قائلهم: لقي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قومه.

فدخل عليه سعد بن عبادة، فقال: يا رسول الله، إن هذا الحي قد وجدوا عليك في أنفسِهم؛ لِمَا صنعت في هذا الفَيْء الذي أصبت، قسمت في قومك وأعطيت عطايا عظامًا في قبائل العرب، ولم يكن في هذا الحي من الأنصار شيءٌ.

قال: ((فأين أنت من ذلك يا سعد؟)).

قال: يا رسول الله، ما أنا إلاَّ امرؤ من قومي، وما أنا؟ 

قال: ((فاجمع لي قومَك في هذه الحظيرة)).

قال: فخرج سعد، فجمع الناس في تلك الحظيرة، قال: فجاء رجالٌ من المهاجرين، فتركهم فدخلوا، وجاء آخرون فرَدَّهم، فلما اجتمعوا أتاه سعد فقال: قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار.

قال: فأتاهم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فحمد الله، وأثنى عليه بالذي هو له أهل، ثُمَّ قال: ((يا معشر الأنصار، ما مقالةٌ بلغتني عنكم، وجِدَة وجدتموها في أنفسكم؟ ألَم آتِكم ضُلاَّلاً فهداكم الله، وعالةً فأغناكم الله، وأعداءً فألَّف اللهُ بين قلوبكم؟)).

قالوا: بل الله ورسولُه أَمَنُّ وأفضل.

قال: ((ألاَ تُجيبونني يا معشر الأنصار؟)).

قالوا: وبماذا نُجيبك يا رسول الله، ولله ولرسوله المنُّ والفضل؟! 

قال: ((أمَا والله، لو شئتم لقلتم، فلَصَدَقْتُم وصُدِّقْتُم، أتيتنا مُكذَّبًا فصدقناك، ومَخذولاً فنصرناك، وطريدًا فآويناك، وعائلاً فأغنيناك، أوجدتم في أنفسكم - يا معشر الأنصار - في لُعاعةٍ من الدنيا تألَّفْت بها قومًا؛ ليُسْلِموا، ووَكَلْتُكم إلى إسلامِكم، أفلا ترضَوْن - يا معشر الأنصار - أَنْ يَذْهَبَ الناس بالشاةِ والبعير، وترجعون برسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في رحالكم، فوالذي نفس محمد بيده، لولا الهجرةُ لكنتُ امرأً من الأنصار، ولو سلك الناسُ شِعبًا، وسَلَكَتِ الأنصار شعبًا، لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار)).

قال: فبكى القومُ حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قسمًا وحظًّا.

ثم انصرف رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتفرقنا.

اقرأ المزيد

أثقل أعباء الدنيا؛ هو إحساس الأمان الذي تستمده من الرجل أسرته..
والرجال وإن كانوا يمدحون بألسنتهم المرأة التي تحمل الهم معهم إلا أن الكملة من الرجال ينفردون بهذا الهم وحدهم وأقصى ما يطالبون به هو الدعم المجمل والمواساة التي لا تسأل عن تفاصيل ما ينوء به الحمل..
وأكمل الكملة هم الذين لا يجعلون همومهم تعلة يسقطون بها حقوق أزواجهم وذرياتهم.

اقرأ المزيد