
أحمد سالم
كتبت الكاتبة والناشطة النسوية فيفان جورنيك، في سن الخامسة والستين، مقالًا صادقًا بشكل مبهر حول جهودها مدى الحياة لتحقيق التوازن بين العمل والحب وعيش حياة قائمة على مبادئ المساواة المثالية في كلا المجالين، وقالت: ((لقد كتبت كثيرًا عن العيش بمفردي لأنني لم أستطع معرفة سبب عيشي بمفردي)).
ولسنوات كانت إجابتها وإجابة كثيرين في جيلها عن سؤال عيشها وحيدة وتفسيره= هو التحيز ضد المرأة: أي إن الرجال الأبويون يجبرون النساء القويات والمستقلات على الاختيار بين وظائفهن وعلاقاتهن العاطفية، وبالتالي يخترن وظائفهن فيعشن وحيدات.
وهذه الإجابة ليست خاطئة، فقد أغرق التحيز الجنسي عديدًا من الزيجات وأطلق ثقوبًا في عدد لا يحصى من الزيجات الأخرى التي بالكاد تطفو.
ولكن في النهاية أدركت فيفيان جورنيك أنها لم تكن الإجابة الكاملة، وإذا نظرت إلى الوراء –من دون راحة تبريراتها الذاتية المألوفة- كانت ستستطيع رؤية دورها الخاص في تحديد مسار علاقاتها، وقد فعلت هذا فيدأت تقول: ((وأن كثيرًا من وحدتي كانت ذاتية، ولها علاقة بشخصيتي الغاضبة والمنقسمة ذاتيًّا أكثر من التحيز ضد المرأة)).
وكتبت: ((كانت الحقيقة أنني كنت وحيدة ليس بسبب سياساتي ولكن لأنني لم أكن أعرف كيف أعيش بطريقة لائقة مع إنسان آخر، فباسم المساواة عذَّبت كل رجل أحبني حتى تركني: لقد صرخت عليهم في أي شيء، ولم أتسامح في أي شيء، وأوقفتهم للمساءلة بطرائق أرهقت كلينا، وكان هناك –بالطبع- أكثر من ذرة من الحقيقة في كل ما قلته، ولكن تلك الذرات –مهما كانت كثيرة- لم يكن لها بالضرورة أن تصبح كومة الرمل التي سحقت الحياة بدافع الحب)).
مقتطفات أخرى
من الصور الخفية للإيمان بالغيب، صبرُ المبتلى؛ فإن النعمة تُصدق إيمان المؤمن وتريه الإيمان شهادة لأنه يرى نعمة الله عليه، أما البلاء فيتطلب جهدًا آخر تبقى فيه مؤمنًا وأنت ترى الألم وتعاينه.
لأجل ذلك كانت محنة البلاء السخط؛ لأنك تقول به أين الله، وكانت محنة النعمة في الغفلة لأنك تقول بها: قد أمِنتُ مكر الله.
كثير من الناس إذا رأى المنكر، أو تغير كثير من أحوال المسلمين= جزع وكل وناح كما ينوح أهل المصائب، وهو منهي عن هذا، بل هو مأمور بالصبر والتوكل والثبات على دين الإسلام، وأن يؤمن بأن الله مع الذين اتقوا.
و ما فيه حيلة لا يُعجز عنه، وما لا حيلة فيه لا يُجزع منه.
ابن تيمية.
قلت: وهذا أصل عظيم من علمه وعمل به= وقاه الله شر العجز والكسل، ونجاه الله من طريقة المعرضين عن عمل الخير المكتفين بشكوى الأيام ونواح المصائب.
ما تستطيع فعله من مواساة وتألم شرعي وتبرع ودعاء وإنكار لقعود القادرين= افعله وليس شرطًا أن تفعله على الفيسبوك لترضي رغبات رواده فلست عبدًا لهم، قدم ما تستطيع، وما لا تستطع فتيقن أن الله لم يكلفك إياه ولن يسألك عنه، وقد كان المسلمون يعذبون بمكة بمرأى عين رسول الله ولم يملك لهم سوى الدعاء ومواساة التثبيت، فلا يذهبن بك الشيطان مذاهب السوء، طالما لا تملك مفاتيح كنز جيش عربي فلا تحمل نفسك ما لا تطيق فيُقعدك هذا عما تطيق.