أحمد سالم
لأسباب شتى يشيع في الناس نوع غريب من احتقار العناية بالحيوان.
لأغراض نفعية مصلحية لا إشكال عند الناس في العناية بحيوان يُدر لبنًا أو يُنتظر منه لحم، أما أن تُربي قطًا فهذا غير مفهوم عند كثير منهم.
ولأن أهواء الناس تحب أن تتوارى خلف الدين، فإن أعينهم تترقرق بالدمع الكاذب يقولون: بطون الفقراء أولى.
الناس أعداء ما يجهلون، ومن لم يعايش الزاد العاطفي الذي يستمده الإنسان من صحبة هذه العجماوات= أنكره وعاداه.
ومن لم يعايش الزاد الإيماني الذي يجنيه من استحضر أخبار النبي وأصحابه في رعاية الحيوان والرفق به= ظن أن شعبة إيمانية أخرى تُغني عنه، وشعب الإيمان تتكامل فما تجنيه من واحدة لا تجنيه من أخرى، وغالب من يعنون بالحيوان هم من أكثر الناس عطاء وصدقة، بالضبط كغالب من يدمنون الحج والعمرة هم أكثر صدقات من أولئك الذين يدبجون الخطب عن أن بطون الفقراء أولى.
أعلم أن بعض المعتنين بالحيوانات لا ينطلقون من نفس المنطلق الإيماني، بل وبعضهم لا ينطلقون من المنطلق العاطفي وإنما يحركهم التقليد ويتعاملون مع رعاية الحيوان تعامل الموضة والاكسسوار وقد رأيت كثيرًا منهم يلقون بحيواناتهم في الشوارع أيام كورونا لما شاع خطأ أنها تصيب بالمرض.
لكن وككثير من الممارسات الإنسانية، وظيفة المؤمن أن يضبطها بالمنطلق الإيماني وليس أن يعاديها لمجرد كراهية طبعه، فضلًا أن يغطي كراهية طبعه بتعلق كاذب بالدين.
أملك أربعة قطط، وأحبها حبًا جما وأسأل الله أن يحفظها علي، وأطعمها وأرعاها وأحمل معي طعامًا أطعم به قطط الشوارع؛ ففي كل كبد رطبة أجر.
وفي البخاري من حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قرصت نملة نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح الله)).
أمم تُسبح الله هذا هو الإطار الكلي الذي ينظر إليه من فقه هذا الباب، ثم يأتي بعده الأطر الجزئية التي أشرت إليها.
شعب الإيمان تتناوب، وتتكامل، والنظر فيها لا يكون إلى أي شعبة أولى في المطلق، بل النظر فيها إلى تكاملها في نفسك، وإصابتك من كل شعبة بحظ ونصيب، ثم إلى ما تجد أثره ويحركك هنا والآن، فلا تسمع لمن يزهدك في هذا، فبعض ذلك من قسوة القلب وبعضه من نفرة طبع لا اعتبار به.
مقتطفات أخرى
من المفاتيح المهمة لنفخ روح الحياة في الذكر والدعاء والصلاة= أن يتصل الحبل بين كل ذلك وبين تفاصيل ما تعايشه في يومك، فلا تستغن بالدعاء العام عن الأدعية الخاصة التي تتعلق بما مررت به في هذا اليوم من حاجة أو ضرر أو ضرورة أو فاقة، ولا تستغفر من مطلق الذنوب فحسب بل اجمع مع ذلك اعتراف المذنب الضعيف بذنبه المعين يملأ استحضار الذنب بعينه قلبه على وجه يظهر فيه أثر الصدق لا جرح الجلد، ولا تشكر مطلق النعمة الإلهية فحسب بل عدد مع ذلك النعمة التي تحس أثرها في ذلك اليوم بعينه.
وعملًا بذلك فإني اليوم أشكر الله سبحانه على نعمة الذين أحببتهم وأحبوني.
ولو خطب المرأة رجلان، أحدهما أفضل من الآخر لكن المرأة تكرهه، وإن زوجت به لم تطعه، بل تخاصمه وتؤذيه، فلا تنتفع به ولا ينتفع [هو] بها.
والآخر تحبه ويحبها ويحصل به مقاصد النكاح، أفليس تزويجها بهذا المفضول أولى باتفاق العقلاء، ونص من ينص [على] تزويجها بهذا المفضول أولى من النص على تزويجها بهذا [الأفضل منه]
ابن تيمية.